EA World View – ترجمة بلدي نيوز
في إحدى الانشودات التي هتف بها الثوار السوريون في الأشهر الأولى للثورة، كان يتم ذكر رامي مخلوف، رجل الأعمال وابن عم الرئيس بعنوان (رامي مخلوف والأربعين حرامي).
ولكن أصدقاء وأقرباء بشار الأسد لم يكونوا ليستطيعوا السيطرة على الاقتصاد السوري من دون شراكة مع جهاز الأمن، الذي كان مسؤولاً عن قتل وتعذيب واغتصاب واختفاء عدد لا يحصى من السوريين منذ بدء الثورة.
وهذه حقيقة منسية في كثير من الأحيان من قبل المجتمع الدولي، بسبب ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" والقاعدة، ومع ذلك فإنه دون تغييرات هيكلية على الهيمنة العلوية ووضع حد لحرمان الأغلبية السنية في البلاد، وتأسيس نظام رقابي على الفساد، فمن المرجح أن أي حل مستدام للحرب الأهلية السورية لن ينجح، حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق في جنيف.
في الواقع إن محادثات جنيف العام المقبل بين النظام والمعارضة يبدو أنها ستمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يوسع المشاركة في الحكومة والبرلمان، لكنها لن تعالج العوائق الهيكلية إلى نظام شامل وأقل قمعية وفساد، كما أن بعض السنة قد يوافقوا ويوقعوا على مثل هذه التسوية، ولكنها لن تفعل الكثير لتوقف الثورة الكبيرة في البلد أو أن تعيد بناء البلد ومؤسساته، بدلاً من ذلك سوف تسمح للنظام القديم للأسد بالاستمرار.
إن الحل الذي سيضمن كسب معظم السنة، فضلاً عن دعم السوريين الأوسع، هو أن تقوم جنيف بتفكيك "الدولة العلوية العميقة" وأجهزة الأمن ورابطة التجار الذين يمولون هذا النظام، وخلافاً لذلك لا يمكن إعادة الإعمار في نهاية المطاف إن ضمن ذلك نفس البارونات اللصوص الذين ركبوا موجة الإصلاح.
هذا الضغط ينبغي أن يوضع على النظام من قبل الجهات الدولية الراعية للمحادثات، ولا سيما روسيا، والذي سيؤدي إلى التفكيك السلمي للكثير من الجماعات الأمنية الطائفية، التي كان لها علاقات وثيقة مع موسكو منذ سيطرة العلويين على السلطة عام 1963، وفي ذلك الوقت سيتشجع العلويين في الأجهزة الأمنية لأن يتركوا مناصبهم، ولا سيما في الرتب العليا والذين جمعوا معظم المسروقات، ومن شأن آلية التعويض أيضاً أن تسهل التفاوض للتعامل في النزاعات على الأراضي، والذي سيسمح للعلويين بالحفاظ على الممتلكات التي اكتسبوها بطريقة مشروعة قبل الثورة، لأن السبب الرئيسي الذي يجعل العلويين يقفون مع النظام هو الخوف من إعادة حقوق الملكية إلى أصحابها السابقين، كما لا يمكن أن يكون هناك مصالحة دون تحقيق إصلاح شامل للنظام القانوني، وهذا من شأنه تضمين اتفاق لتحديد القضاة الفاسدين والمرتبطين بشكل وثيق مع الأمن وإحالتهم للتقاعد.
وفي مجال إعادة الإعمار بعد انتهاء الصراع، فالعراق هو قصة يجب التعلم منها، فقد أنفقت المليارات من الدولارات لإعادة البناء، ولكن الفساد تعمق في البلاد وبالتالي بالكاد تحسنت البنية التحتية من مستوياتها الكارثية التي شهدتها خلال عقوبات الامم المتحدة من عام 1990 إلى عام 2003.
كما أن حكام العراق الجدد لم يفعلوا شيئاً يذكر لإقامة حكومة رشيدة، بالإضافة إلى ذلك، ضاق ذرع الجهاديين لأن الحكومة فشلت في دمج السنة في النظام السياسي.
ولذلك ومن بين الدروس المستفادة من العراق هو الضرر الذي لحق بالمواهب المتبقية، عبر بيروقراطية اجتثاث البعث التي انتزعت أعضاء حزب البعث، بغض النظر عن رتبة ودرجة تورط كل منهم في عهد صدام.
وقد حضر بعض الموظفين التقنيين في نهاية المطاف دورات تأهيل أيديولوجية قدمتها حكومة ما بعد صدام، ولكن العديد منهم لم يستطيعوا التأقلم مع ما اعتبروه جو خانق.
وعلى غرار العراق في عهد صدام، انضم كثير من البعثيين السوريين رسمياً إلى حزب البعث السوري، لزيادة نفوذهم في الوظائف الحكومية، ولكن الحزب نفسه كان يحكم بالاسم فقط لأن العلويين استولوا على أعلى مستويات السلطة الحقيقية، ولذلك ينبغي أن تركز المحادثات السورية المقترحة على كيفية معالجة الاختلالات في البيروقراطية دون استبدال الطائفية العلوية بالطائفية السنية.
وبالإضافة إلى ذلك، فمن الضروري الحد من الاحتكارات القائمة، فإذا أردنا إيقاف تفتيت سورية وأن يصبح هناك إمكانية لتنفيذ مشاريع واسعة، فسنحتاج أن تبقى أموال الإعمار بعيدة عن الحكومة التي لم تختبر بعد، ووضعها تحت إدارة دولية، والتي بدورها ستمنحها لشركات سورية إذا كانت تفي بمعايير الإفصاح ومكافحة الفساد.
ولكن بداية إعادة الإعمار من المرجح أن تكون على نطاق صغير في المناطق التي يثبت فيها فعلياً وقف إطلاق النار، وتتم تلبية الاحتياجات المحلية للسوريين بتشكيل صندوق استئماني لتحقيق الانتعاش لسورية بعد الحرب.